الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020

تعامل الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين مع اليهود

 


    في السطور القادمة نعرض نماذج للتطبيقات الواقعية والعملية حول تعامل الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين مع اليهود.

    أولًا: البيع والشراء بين رسول الله واليهود

    كانت أسواق اليهود في المدينة تمتلئ بالمسلمين الذين يشترون البضائع ويبيعون أيضًا، وكانت كذلك أسواق المسلمين يشتري فيها اليهود ويبيعون دون أدنى حرج، ومن أشهر أسواق اليهود سوق بني قينقاع، وإتمام عمليات البيع والشراء لا تتمُّ إلاَّ بين قوم يأمن بعضهم بعضًا، وقد كانت المرأة المسلمة تذهب بنفسها لتشتري من اليهود في سوقهم دون حرج؛ مما يدلُّ على مدى ثقة المسلمين باليهود (1).

    وكذلك اشترى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بئر رومة (2) من يهودي، وتصدَّق بها على المسلمين، وأصبحت هذه البئر من المرافق العامة بالمدينة، وقد كان يمكن أخذها من اليهودي دون مقابل؛ لأن الأمر يصبُّ في مصلحة الوطن الذي يسكن به الجميع، غير أن ذلك لم يقع، بل كان الشراء بالاختيار من صاحب البئر، وكان الاحترام التامُّ لملكيته، وبقاء البئر بيد اليهودي حتى تمَّ الشراء يدلُّ -كذلك- على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أقرَّ اليهود على ما تحت أيديهم، ولم يُجبر أحدًا على التنازل عن ما يملكه؛ وهذا ما يدلُّ على العدل والإنسانية التي يكفلها الإسلام لمَنْ يعيشون في رحابه، وتحت ظلال دولته.

    وقد ورد أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- اشترى من اليهودي نصف البئر باثني عشر ألفًا، ثم قال لليهودي: اخترْ إمَّا أن تأخذَها يومًا وآخذَها يومًا، وإمَّا أن تنصب لك عليها دلوًا وأنصب عليها دلوًا. فاختارَ يومًا ويومًا(3).

    وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يشتري من اليهود -أيضًا- فعن‏ ‏عائشة -رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ‏اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ فَرَهَنَهُ دِرْعَهُ»(4).

    وفي رَهْن الدرع ليهودي الكثير من المعاني؛ حيث إن صاحب هذا الدرع هو حاكم الدولة الإسلامية، الذي يعيش هذا اليهودي في رحابها، وتزداد عظمة هذا الموقف إذا أسقطناه على واقعنا المعاصر؛ إنه الإسلام العظيم ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم.

    بل إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مات ودرعه مرهونة عند يهودي، ‏فعن عائشة ‏-رضي الله عنها- قالت: «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ‏وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ‏ ‏بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ»(5).

    ثانيًا: المخالطة الطبيعية لليهود والمشركين

    كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُخالط كلَّ مَنْ يُقيم بالمدينة، مسلمين وغير مسلمين، ويجلس معهم ويُحَدِّثُهُمْ ويُحَدِّثُونه؛ وقد مَرَّ بنا في السيرة النبوية موقف مُعَبِّر، يصف هذه المخالطة، فعن أسامة بن زيد (6) –رضي الله عنه- قال: «إنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَكِبَ حِمَارًا عَلَيْهِ إِكَافٌ(7) تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ(8)، وأردف وراءه أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، حتى مرَّ في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلمَّا غشيت المجلس عجاجة الدَّابَّة(9) خمَّر عبد الله بن أُبَيٍّ أَنْفَهُ(10) بِرِدَائِهِ ثم قال: لا تُغَبِّرُوا علينا!

    فَسَلَّمَ عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ وقف فنزل، فَدَعَاهُمْ إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا المَرْءُ (!) لا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، إِنْ كان ما تقول حَقًّا فلا تُؤْذِنَا في مجالسنا، وارجعْ إلى رَحْلِكَ، فَمَنْ جاءك مِنَّا فَاقْصُصْ عليه.

    قال عبد الله بن رواحة –رضي الله عنه: بلى يا رسول الله؛ فاغْشَنَا به في مجالسنا؛ فَإِنَّا نُحِبُّ ذلك. فَاسْتَبَّ المسلمون والمشركون واليهود؛ حتى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا، فَلَمْ يَزَلِ النبي -صلى الله عليه وسلم- يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دخل على سعد بن عبادة، فقال: « أَيْ سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ (يُرِيدُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ) قَالَ كَذَا وَكَذَا».

    قال: اعْفُ عنه يا رسول الله وَاصْفَحْ! فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصْطَلَحَ أهل هذه الْبَحْرَةِ(11)على أنْ يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصِّبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللهُ ذلك بالحقِّ الذي أعطاك شَرِقَ بذلك، فذلك فعل به ما رَأَيْتَ. فَعَفَا عنه النبي -صلى الله عليه وسلم»(12).

    ومن خلال هذا الموقف تتضح لنا مجموعة من المظاهر التي كانت سائدة في مجتمع المدينة المنورة المكوَّن حينذاك من أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود؛ فهؤلاء هم المسلمون والمشركون عبدة الأوثان واليهود يجلسون في مجلس واحد، يتحدَّثُون ويتناقشون وربما يتسامرون، ويمرُّ عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلا يُنكر على المسلم جلوسه معهم؛ بل ويُلقي -صلى الله عليه وسلم- السلام عليهم، برغم ما سمع من إيذاء عبد الله بن أبيٍّ حين قال: لا تُغَبِّروا علينا. ونزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن سلَّم عليهم، فدعاهم إلى الله –عز وجل، وقرأ عليهم شيئًا من القرآن، وما إن انتهى حتى قال عبد الله بن أبي ابن سلول ما قاله من كلام يُسيء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ مما أثار عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه؛ حتى تشاتم القوم بالفعل، بل وهمُّوا أن يتقاتلوا، ومن العجيب أن اليهود -مع أنهم ليسوا طرفًا في الأزمة- اشتركوا (كما تقول الرواية) في إثارة الموقف! وعلى الرغم من ذلك فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حرص على تهدئة الموقف؛ برغم استطاعته النيل ممَّنْ أساء إليه، ثم نراه -صلى الله عليه وسلم- وهو يشكو إلى سعد بن عبادة -رضي الله عنه، فيذكر عبد الله بن أبي ابن سلول -برغم إساءته الواضحة- يذكره بكنيته فيقول: «أَبُو حُبَابٍ». وفي هذا ما فيه من جمال التعامل، وحُسن الأدب، وسموِّ الخلق مع المخالفين، ثم يعفو عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعدما ذكر له سعد بن عبادة ما ذكر.

    ثالثًا: العدل مع اليهود

    روى أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالسٌ جاء يهودي فقال: يا أبا القاسم، ضرب وجهي رجل من أصحابك! فقال: «مَنْ؟» قال: رجل من الأنصار. قال: «ادْعُوهُ». فقال: «أَضَرَبْتَهُ؟» قال: سمعتُه بالسوق يحلف: والذي اصطفى موسى على البشر. قلتُ: أيْ خبيث! على محمد -صلى الله عليه وسلم؟! فأخذتني غضبة ضربت وجهه. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ»... الحديث(13).

    وفي هذا الموقف الكثير من المعاني: فاليهودي يتحاكم إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وما ذلك إلاَّ لأنه على يقين أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سيُعطيه حقَّه كاملاً، والشكوى في حدِّ ذاتها تدلُّ على أن إيذاء أحد من اليهود هو شيء غريب ومستهجن؛ ومن ثَمَّ جاء اليهودي سريعًا ليشكو هذا الذي ضربه، وعلى الفور سأله الرسول -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ؟»، فأجابه الرجل: إنه أحد الأنصار. فأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن يأتوا به لمعرفة ملابسات هذا الأمر؛ حيث إن اليهودي لم يذكر إلاَّ أن الصحابي قد ضربه على وجهه، ولمَّا جاء الصحابي قصَّ ما حدث، ودون تحامل على اليهودي فيما يقوله؛ نرى أنه استفزاز من قِبَل اليهودي للمسلمين؛ فاليهودي لم يَقُلْ هذا الكلام في مكان عبادته أو في بيته؛ بل يقوله في السوق الذي يكثر فيه المسلمون؛ مما أثار غضب هذا الصحابي فضربه على وجهه، ولم يُوَجِّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- اللوم إلى اليهودي الذي جهر بما يُغضب المسلمين، وكاد أن يُحْدِث فتنة؛ ربما تُزهَق بسببها الكثير من الأرواح، مما قد يُهَدِّد أمن المدينة وسلامتها، وقد يُعتبر هذا نقضًا من هذا اليهودي لبنودٍ من المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين، والتي تنصُّ على أن يتعاون الجميع في حفظ أمن وطنهم «المدينة»، وأنَّ لكلٍّ دينه الذي يعتنقه، ويجب على الآخرين احترامه وعدم المساس به.

    لكنه -صلى الله عليه وسلم- وَجَّه نصيحةً بالغة الأهمية لكل الأطراف ألاَّ يُخَيِّروا بين الأنبياء؛ وذلك حتى يمنع الفتنة فيما بين القوم، حتى لا يتكرَّر ما حدث مرَّة أخرى.

    ولو كان لليهودي أيُّ حقٍّ لردَّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إليه، دون مجاملة لأحد، فإن بنود المعاهدة تنصُّ على أن النصرة للمظلوم.

    لأنه -صلى الله عليه وسلم- يذهب بنفسه -في موقف آخر- إلى أحد اليهود مستشفعًا لجابر بن عبد الله بن حرام -رضي الله عنه، وهو من الصحابة الكرام الذين حضروا بيعة العقبة الثانية في طفولته(14) مع أبيه عبد الله بن حرام -رضي الله عنه، وشهد المشاهد كلها ابتداءً من أُحُد أو التي بعدها(15)، يذهب مستمهلاً اليهودي، ليُؤَجِّل سداد الدَّيْن، ولمَّا أبى اليهودي قبول الشفاعة كان لا بُدَّ من السداد، فما دام هناك حقٌّ فلا بُدَّ أن يُردَّ إلى أهله، يروي جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- فيقول: كان بالمدينة يهوديٌّ، وكان يسلفني في تمري إلى الجِداد(16) -وكانت لجابرٍ الأرض الَّتي بطريق رومة- فجلستُ، فخلا عامًا، فجاءني اليهوديُّ عند الجِداد، ولم أجدَّ منها شيئًا، فجعلتُ أستنظره إلى قابلٍ(17) فيأبى، فأُخبر بذلك النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم، فقال لأصحابه: «امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنَ الْيَهُودِيِّ».

    فجاءوني في نخلي، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يُكلِّم اليهوديَّ، فيقول: أبا القاسم، لا أنظره.

    فلمَّا رأى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذلك قام فطاف في النخل، ثمَّ جاءه فكلَّمه فأبى، فقمتُ فجئتُ بقليل رطبٍ فوضعته بين يدي النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فأكل ثمَّ قال: «أَيْنَ عَرِيشُكَ(18) يَا جَابِرُ؟» فأخبرتُه، فقال: «افْرُشْ لِي فِيهِ». فَفَرَشْتُهُ، فدخل فرقد ثمَّ استيقظ، فجئتُه بقبضةٍ أخرى، فأكل منها ثمَّ قام فكلَّم اليهوديَّ فأبى عليه، فقام في الرِّطاب في النَّخل الثَّانية ثمَّ قال: «يَا جَابِرُ، جُدَّ(19) وَاقْضِ». فوقف في الجداد فجددت منها ما قضيته، وفضل منه، فخرجت حتى جئت النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فبشَّرته، فقال: «أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ»(20).

    فهذه قصة عجيبة يستدين فيها جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- من يهودي، فيأتي ميعاد سداد الدين، وليس مع جابر بن عبد الله ما يقضي به دَينه، فجعل يطلب من اليهودي أن يُؤَخِّره عامًا حتى يستطيع السداد -وكان جابر بن عبد الله ب من الفقراء المدينين- لكنَّ اليهودي أَبَى وأصرَّ على أن يأخذ دَينه في موعده، فأخبر جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- بالأمر، وطلب منه أن يتوسَّط بينه وبين اليهودي، وقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالفعل، بل أخذ معه بعضًا من أصحابه، وذهب إلى اليهودي يستشفع لجابر، فيقول جابر –رضي الله عنه: فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُكَلِّم اليهودي. أي أنه أكثر في الكلام والاستشفاع عنده، لكنَّ اليهودي رفض بكل وسيلة، وكان مُصِرًّا على قوله: أبا القاسم؛ لا أنظره.

    هذا موقف يقع فيه أحد الأصدقاء المُقَرَّبِينَ إلى قلب مَنْ يحكم المدينة المنورة بكاملها في أزمة مع أحد رعايا هذه المدينة وهو اليهودي، إنه يُريد تأجيل سداد الدين؛ وليس المماطلة فيه أو التغاضي عنه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- بنفسه يستشفع له، ولكنَّ اليهودي يرفض، ومع ذلك لم يُجبر زعيم الأُمَّة الإسلامية وقائد المسلمين ورسول ربِّ العالمين -صلى الله عليه وسلم- ذلك اليهوديَّ أو يُكْرِهْهُ على قبول استشفاعه!

    لم ينظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هنا إلى صورته التي قد يستضعفها المراقبون والمحلِّلُون للموقف، ولم ينظر إلى حبِّه لجابر بن عبد الله وقُرْبِهِ من قلبه، ولم ينظر إلى تاريخ اليهود العدائي مع المسلمين؛ لم ينظر إلى كل هذه الاعتبارات ولا إلى غيرها، إنما نظر فقط إلى إقامة العدل في أسمى صوره.

    إن الحقَّ مع اليهودي، والسداد واجب، والاستشفاع مرفوض من صاحب الحقِّ، فليكن السداد، وليكن الإنصاف لليهودي غير المسلم، ولو كان من صحابي جليل وابن صحابيٍّ جليلٍ.

    إنَّ هذا هو الإسلام حقًّا..

    لم يكن هذا تَكَلُّفًا من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا تَجَمُّلاً منه؛ إنما كان التطبيق الطبيعي لقواعد الدين؛ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135].

    إن الشفقة على جابر لفقره لم تكن مبرِّرًا للحكم له ضدَّ اليهودي؛ يقول الشوكاني (21) في فتح القدير في تفسير هذه الآية {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا}: «إن يكن المشهود عليه غنيًّا فلا يُراعى لأجل غناه؛ استجلابًا لنفعه أو استدفاعًا لضره؛ فيترك الشهادة عليه، أو فقيرًا فلا يُراعَى لأجل فقره؛ رحمةً له وإشفاقًا عليه، فيترك الشهادة عليه»(22).

    موقف طعمة بن أبيرق مع اليهودي

    وهناك ما حدث عندما سرق رجل من المسلمين من إحدى قبائل الأنصار من بني أُبيرق بن ظفر بن الحارث، وكان اسمه في رواية: «طعمة بن أُبيرق»، وفي رواية أخرى: «بشير بن أُبيرق»، وكان هذا الرجل قد سرق درعًا من جارٍ له مسلم يقال له: «قتادة بن النعمان»، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار، ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له: «زيد بن السمين»، فالتُمِسَتِ الدرع عند «طعمة» فحلف بالله ما أخذها، فقال أصحاب الدرع: لقد رأينا أثر الدقيق في داخل داره. فلمَّا حلف تركوه، واتبعوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي، فوجدوا الدرع عنده، فقال اليهودي: دفعها إليَّ طعمة بن أُبيرق! فجاء بنو ظفر -وهم قوم طعمة- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسألوه أن يجادل عن صاحبهم، فهَمَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يعاقب اليهودي، فأنزل الله –تعالى- هذه الآيات من سورة النساء: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 105-112](23).

    لقد اعتقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن السارق هو اليهودي لوجود القرائن ضدَّه، ولكنَّ الوحي نزل بخلاف ذلك؛ فلم يكتم -صلى الله عليه وسلم- شيئًا -وحاشاه- بل قام وأعلن بوضوح وصراحة أن اليهودي بريء، وأن السارق مسلم!

    وليس الأمر هَيِّنًا!

    إن التبرئة تأتي في حقِّ يهودي اجتمع قومه من اليهود على تكذيب الإسلام والكيد له، والطعن في رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبثِّ الفرقة بين أتباعه.. ومع ذلك فكلُّ هذه السلبيات والخلفيات لا تُبَرِّر اتهام يهودي بغير حقٍّ.

    وهذا الاتهام في حقِّ رجل مسلم من إحدى قبائل الأنصار، وما أدراك مَنْ هم الأنصار! هم الذين آوَوْا ونصروا، وهم كَرِشُالرسول -صلى الله عليه وسلم- وعيبته (24)، وهم أهل دار الإسلام، وعلى أكتافهم قامت الدولة الإسلامية، ولكن كلّ هذا ليس مبررًا لتبرئة سارقٍ منهم، ولو كان على حساب يهودي.

    إضافةً إلى أن هذا الموقف قد يُعطي مساحة جديدة لليهود يُكيلون فيها التُّهم والادعاءات للمسلمين: فها هم المسلمون يسرقون، وها هم يرمون الأبرياء بالتهم، وها هم يجتمعون على نصرة ظالم، وها هم يَكْذِبُون. إنها مساحة واسعة قد أُتيحت لليهود؛ ليُواصلوا طعنهم في جسد الأُمَّة الإسلامية.

    برغم هذه الخلفيات، كان لا بُدَّ من إحقاق الحقِّ وإقامة العدل.

    إن الأمر لم يكن مجرَّد تبرئة رجل وإدانة آخر، «إنما كان أمر تربية هذه الجماعة الجديدة؛ لتنهض بتكاليفها في خلافة الأرض وفي قيادة البشرية، وهي لا تقوم بالخلافة في الأرض، ولا تنهض بقيادة البشرية حتى يتضح لها منهج فريد متفوِّق على كل ما تعرف البشرية، ويَثْبُتَ هذا المنهج في حياتها الواقعية، ويُمَحَّصَ كيانُها تمحيصًا شديدًا، وتُنْفَضَ عنه كلُّ خبيئة من ضعف البشر، ومن رواسب الجاهلية، وليُقام فيها ميزان العدل -لتحكم به بين الناس- مجرَّدًا من جميع الاعتبارات الأرضية، والمصالح القريبة الظاهرة، والملابسات التي يراها الناس شيئًا كبيرًا لا يقدرون على تجاهله!»(25).

    ونتساءل من جديد -وسيكثر هذا التساؤل- هل هناك مثل هذه المواقف في تاريخ أُمَّة غير أُمَّة الإسلام؟! هل بلغ أيُّ قائد من قوَّاد الأرض مثلما بلغ رسولنا -صلى الله عليه وسلم- من التجرُّد للحقِّ، وإظهار العدل وتطبيقه، ومن السماحة والأمانة في التعامل مع غير أتباع دينه؟!

    ومن الجدير بالذكر في القصة السابقة أن نذكر أن هذا المسلم الذي قام بالسرقة -واتَّهم بها اليهودي- كان من المنافقين الذين ظهر نفاقهم وتأكَّد بعد هذه الحادثة، وهذا واضح فيما رواه الترمذي عن قتادة بن النعمان قال: كان أهل بيتٍ منَّا يُقال لهم بنو أُبيرق بشر وبشير ومبشر، وكان بشير رجلاً منافقًا يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ينحله بعض العرب، ثم يقول: قال فلان كذا وكذا، قال فلان كذا وكذا. فإذا سمع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلاَّ هذا الخبيث -أو كما قال الرجل- وقالوا: ابن الأُبيرق قالها. قال: وكان أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقَدِمَت ضافطة من الشام من الدرمك (26) ابتاع الرجل منها، فخصَّ بها نفسه وأمَّا العيال فإنما طعامهم التمر والشعير، فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مَشْربة(27) له، وفي المشربة سلاح: درع وسيف، فعُدي عليه من تحت البيت؛ فنُقبت المشربة وأُخذ الطعام والسلاح، فلمَّا أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي؛ إنه قد عُدي علينا في ليلتنا هذه ونُقبت مشربتنا، فذهب بطعامنا وسلاحنا. فتحسَّسْنَا في الدار وسألنا، فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نرى إلاَّ على بعض طعامكم. قال: وكان بنو أبيرق قالوا -ونحن نسأل في الدار-: والله ما نرى صاحبكم إلاَّ لبيد بن سهل -رجلاً مِنَّا له صلاح وإسلام- فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق؟! فوالله ليُخالطنكم هذا السيف أو لتبينُنَّ هذه السرقة. قالوا: إليك عنها أيها الرجل، فما أنت بصاحبها.

    فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال لي عمي: يا ابن أخي، لو أتيتَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرتَ ذلك له. قال قتادة: فأتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلتُ: إن أهل بيت مِنَّا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له وأخذوا سلاحه وطعامه، فليرُدُّوا علينا سلاحنا، فأمَّا الطعام فلا حاجة لنا فيه. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «سَآمُرُ فِي ذَلِكَ». فلمَّا سمع بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يُقال له: أسير بن عروة فكَلَّمُوه في ذلك؛ فاجتمع في ذلك ناس من أهل الدار فقالوا: يا رسول الله؛ إنَّ قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت مِنَّا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت. قال قتادة: فأتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكَلَّمْتُه، فقال: «عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلاَمٌ وَصَلاَحٌ تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَى غَيْرِ ثَبْتٍ وَلاَ بَيِّنَةٍ». قال: فرجعتُ ولوددتُ أني خرجتُ من بعض مالي ولم أُكَلِّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي؛ ما صنعتَ؟ فأخبرتُه بما قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: الله المستعان. فلم يلبث أن نزل القرآن: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105].

    فلمَّا نزل القرآن أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسلاح فردَّه إلى رفاعة، فقال قتادة: لمَّا أتيتُ عمِّي بالسلاح وكان شيخًا قد عمي أو عشي في الجاهلية، وكنتُ أرى إسلامه مدخولاً، فلمَّا أتيتُه بالسلاح قال: يا ابن أخي؛ هو في سبيل الله. فعرفتُ أن إسلامه كان صحيحًا؛ فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين فنزل على سُلاَفَة بنت سعد فأنزل الله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 115، 116]. فلمَّا نزل على سلافة رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعره، فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به فرمت به في الأبطح ثم قالت: أهديتَ لي شعرَ حسان؟! ما كنتَ تأتيني بخير (28). بل إنه -في بعض الروايات- هرب إلى مكة مرتدًّا، ومات بها (29).

    وإذا كان هذا الحكم العادل قد جاء في حقِّ اليهودي على حساب مسلم ضعيف الإيمان مذبذب العقيدة، فإنَّ هذا الحكم لم يصدر لشكٍّ في إيمان المسلم وعقيدته، بل كان سيصدر مهما كان المخطئ؛ لأن الشريعة لا تُحابي أحدًا، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يجامل أصحابه ومعارفه.

    موقف ابن أبي حدرد الأسلمي مع اليهودي

    وهذه صورة أخرى مشرقة من عدل الإسلام، وإنسانية الرسول -صلى الله عليه وسلم- الرائعة، وتطبيقٌ واقعيٌّ رائع، نرى كل ذلك من خلال هذا الموقف الذي يُؤَكِّد ما ذكرناه من تعاملٍ أخلاقيٍّ راقٍ وصل إليه المجتمع المسلم على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- من خلال تطبيق الشريعة الإسلامية ومبادئها السامية.

    فعن‏ ‏ابن أبي حَدْرَدٍ الأسْلَمِيِّ (30) أنَّه كان ليهوديٍّ عليه أربعة دراهم فاستعدى عليه، فقال: يا‏ ‏محمَّد؛ ‏إنَّ لي على هذا أربعة دراهم وقد غلبني عليها.

    فقال: «أَعْطِهِ حَقَّهُ».

    قال: والذي بعثك بالحقِّ، ما أقدر عليها.

    قال: «أَعْطِهِ حَقَّهُ».

    قال: والَّذي نفسي بيده، ما أقدر عليها، قد أَخْبَرْتُهُ أنَّك تبعثنا إلى‏ ‏خيبر، ‏‏فأرجو أن تُغْنِمَنَا شيئًا فأرجع‏ ‏فَأَقْضِيهِ.

    قال: «أَعْطِهِ حَقَّهُ».

    قال: وكان النَّبيُّ‏ -صلى الله عليه وسلم- ‏ ‏إذا قال ثلاثًا لم يُرَاجَعْ. فخرج به‏ ‏ابن أبي حدردٍ ‏إلى السوق، وعلى رأسه‏ ‏عصابةٌ‏ ‏وهو ‏‏مُتَّزِرٌ ‏بِبُرْدٍ،‏ ‏فنزع العمامة عن رأسه‏ ‏فاتَّزر ‏بها، ونزع ‏ ‏الْبُرْدَةَ،‏ ‏فقال: اشْتَرِ منِّي هذه‏ ‏الْبُرْدَةَ. ‏فباعها منه بأربعة الدَّراهم، فمرَّت عجوزٌ فقالت: ما لك يا صاحب رسول الله‏ -صلى الله عليه وسلم-؟! ‏فأخبرها، فقالت: ها دونك هذا.‏ ‏بِبُرْدٍ‏ ‏عليها طَرَحَتْهُ عليه(31).

    وهذا في الواقع موقف رائع حقًّا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو لا يُحابي أحدًا -مهما كان- على حساب الحقِّ، والحقُّ هنا ليهودي، ويأبى الرسول -صلى الله عليه وسلم- كلَّ ما ذكره الصحابي من أسبابٍ لعدم السداد؛ هي في حقيقة الأمر واقعية وصادقة، لكن لا بُدَّ من وصول الحقِّ إلى صاحبه، مهما كلَّف هذا الأمر مَنْ عليه الحقُّ، ولم يتعدَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كلمتين اثنين فيهما الأمر بالسداد: «أَعْطِهِ حَقَّهُ». وكرَّر ذلك ثلاث مرات؛ ليقطع الجدال في الأمر، ولم يكن أمام الصحابي الفقير الذي لا يجد ما يسدُّ دَيْنَهُ إلاَّ أن اضطُرَّ إلى بيع بعض ما يلبسه، فباع بُردته التي يرتديها سدادًا للدين، وردًّا للحقِّ إلى صاحبه اليهودي.

    إن دِينًا هذه أخلاق أتباعه لجديرٌ بالتفكُّر والتدبُّر في شأنه، وإنَّ نفوسًا تستطيع أن تقهر كل العوائق لتُوجِد على أرضِ الواقعِ هذه المبادئَ والقيمَ لجديرة بقيادة العالم كله.


    1- انظر ابن هشام: السيرة النبوية، 2/48، وابن سيد الناس: عيون الأثر، 1/343.
    2- بئر رومة: بئر بأرض بالمدينة بين الجُرف وزِغابة نزلها المشركون عام الخندق، انظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان، 3/104.
    3- ابن القيم: زاد المعاد 5/713، 714.
    4- البخاري: كتاب البيوع، باب شراء الطعام إلى أجل، (2088)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر (1603).
    5- البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في درع النبي –صلى الله عليه وسلم- والقميص في الحرب، (2759)، واللفظ له، والترمذي (1214)، والنسائي (6247)، وابن ماجه (2438)، وأحمد في مسنده (3409)، وابن حبان (5936).
    6- هو أسامة بن زيد بن حارثة، الحِبُّ بن الحِبِّ، قاد جيش المسلمين وهو دون الثامنة عشرة من عمره، وكان عمر بن الخطاب يُجِلُّه ويُكرمه، وفضَّله في العطاء على ولده عبد الله بن عمر، وقد اعتزل أسامة الفتن بعد قتل عثمان –رضي اله عنه، توفي سنة ثمان أو تسع وخمسين. انظر: ابن عبد البر: الاستيعاب 1/170، وابن الأثير: أسد الغابة 1/91، وابن حجر: الإصابة، الترجمة رقم (89).
    7- الإكاف: هو للحمار بمنزلة السرج للفرس.
    8- قطيفة فدكية: (قطيفة) دثار مخمل، (فدكية): منسوبة إلى فدك، بلدة في شمال المدينة.
    9- عجاجة الدابة: ما تُثيره أثناء سيرها من ترابٍ ونحوه.
    10- خمَّر أنفه: أي غطَّاه.
    11- البحرة: القرية أو البلد، والمراد به هنا المدينة المنورة.
    12- البخاري: كتاب الاستئذان، باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين (5899)، واللفظ له، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب في دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم- وصبره على أذى المنافقين (1798).
    13- البخاري: كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الأشخاص والملازمة والخصومة بين المسلم واليهودي (2281)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى –عليه السلام (2347).
    14- ابن الأثير: أسد الغابة 3/241.
    15- ابن الأثير: أسد الغابة 3/241.
    16- الجداد: زمن قطع النخل.
    17- أستنظره إلى قابل: أي أستمهله إلى عام ثانٍ.
    18- عريشك: أي المكان الذي اتخذته في البستان، لتستظلَّ به وتقيل فيه.
    19- جدَّ: أي اقطع ثمرتها.
    20- البخاري: كتاب الأطعمة، باب الرطب والتمر (5128).
    21- الشوكاني: هو محمد بن علي الشوكاني (1172- 1255هـ)، نشأ باليمن، وتعلم النحو والصرف والتفسير والفقه، وصار مشارًا إليه في علوم الاجتهاد بالبنان، من مؤلفاته: نيل الأوطار، وفتح القدير. انظر: القنوجي: أبجد العلوم 3/201.
    22- الشوكاني: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير 1/604.
    23- الترمذي (3036) عن قتادة بن النعمان، والحاكم (8164)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرِّجاه. والطبراني: المعجم الكبير (15686).
    24- هو من قوله –صلى الله عليه وسلم: كرشي وعيبتي: أي بطانتي وخاصتي. قال القزاز: ضرب المثل بالكرش؛ لأنه مستقرُّ غذاء الحيوان الذي يكون فيه نماؤه، ويقال: لفلان كرش منثورة؛ أي: عيال كثيرة. والعَيْبَة: ما يُحْرِزُ فيه الرجلُ نفيس ما عنده، يُريد أنهم موضع سرِّه وأمانته. قال ابن دريد: هذا من كلامه -صلى الله عليه وسلم- الموجز الذي لم يُسْبَقْ إليه. وقال غيره: الكرش بمنزلة المعدة للإنسان، والعيبة مستودع الثياب، والأول أمر باطن والثاني أمر ظاهر؛ فكأنه -صلى الله عليه وسلم- ضرب المثل بهما في إرادة اختصاصهم بأموره الباطنة والظاهرة، والأول أولى، وكلا الأمرين مستودع لما يُخْفَى فيه. انظر: ابن حجر: فتح الباري 7/121.
    25- سيد قطب: في ظلال القرآن 2/753.
    26- ضَافِطَة من الدَّرْمَك: الضَّافِطُ: الذي يَجْلبُ الطعام والمتاع إلى المُدُن، وهو المُكارِي الذي يُكْرِي الأحْمَال، وكانوا يومئذٍ قومًا من الأنباط يَحْمِلُون إلى المدينة الدَّقيق والزيت. والدرمك: هو الدقيق الأبيض. والمقصود: بضاعة من الشام فيها هذا النوع من الدقيق. انظر: ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/201.
    27- المشربة: الغرفة.
    28- الترمذي (3036)، وقال: حديث غريب. والحاكم (8164)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
    29- الطبري: جامع البيان في تأويل القرآن، 9/205، والرازي: مفاتيح الغيب، 11/211، 218.
    30- هو عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، واسم أبي حدرد سلامة بن عمير بن أبي سلامة من هوازن، له ولأبيه صحبة، وأول مشاهده الحديبية وخيبر وما بعدهما، بعثه رسول الله ﷺ عينًا إلى مالك بن عوف النصري، مات سنة 71هـ وله إحدى وثمانون سنة. انظر: ابن الأثير: أسد الغابة 3/211-213، وابن حجر: الإصابة 4/54-56.
    31- رواه أحمد (15528)، والطبراني في الأوسط (4512)، وكذلك في الصغير (655)، وقال الهيثمي: رواه أحمد، والطبراني في الصغير، والأوسط، ورجاله ثقات إلاَّ أن محمد بن أبي يحيى لم أجد له رواية عن الصحابة فيكون مرسلاً صحيحًا. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 4/130، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (2108).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رمز system 2222

 اعدام طباط نظام بشار الاسد. كم قال هيئة تحرير الشام اعدام مباشر  رمز system 2222